مطربة سورية من جبل العرب، اسمها أمل الأطرش
ووالدها هو الأمير فهد الأطرش، ووالدتها علياء المنذر، وهي شقيقة المطرب فريد الأطرش.
ولدت أسمهان على متن باخرة في البحر المتوسط
كانت قادمة من تركية إلى لبنان وقد أراد أبوها أن يسميها «بحرية» تيمناً بهذه الحادثة،
إلا أن والدتها فضلت اسم «أمل». أما لقبها أسمهان فقد اختاره لها الملحن داود حسني
تيمناً بمغنية عربية قديمة، لما رأى فيها من أمل جديد في الغناء العربي.
نزحت علياء المنذر بأبنائها الثلاثة: فؤاد
وفريد وأمل، من لبنان عام 1923 إلى القاهرة بعد أن التحق زوجها الأمير فهد بالثورة
السورية. وتقول السيدة علياء في مذكراتها إنها خشيت على أولادها من أن يقعوا رهائن
في يد الفرنسيين ففرت بهم إلى مصر.
ولم تكن علياء تملك ما يكفي للعيش فاضطرت
إلى صنع البراقع وبيعها لتعيل أولادها. وكانت ذواقة للفن تجيد الغناء والعزف على العود
فغدا بيتها في القاهرة مقصداً للفنانين وهواة الطرب. وقد أخذت أسمهان عن أمها ولعها
هذا. وفي أحد الأيام زار الأسرة في دارها المطرب والملحن داود حسني، ومكث يستمع إلى
أسطوانة سجل عليها صوت أم كلثوم في إحدى أغانيها، وما إن انتهت الأغنية حتى صدح صوت
جميل من حجرة مجاورة يردد الأغنية نفسها بعذوبة وإتقان، وكانت أمل الأطرش الصغيرة ابنة
الاثنتي عشرة سنة هي صاحبة ذلك الصوت، وقد أعجب به داود حسني وراح يقنع الوالدة بالسماح
لابنتها بامتهان الغناء، وتعاقد باسمها مع شركة تسجيل أسطوانات، وكان يكافئها عن كل
مقطع تؤديه بقرش واحد.
سجلت أسمهان في بداية حياتها الفنية خمس
أغنيات لحنها طائفة ممن درّسوها مع أخيها فريد أصول العزف والغناء كداود حسني ومحمد
القصبجي وفريد غصن وزكريا أحمد ومدحت عاصم. وتابع القصبجي تدريبها حتى استقام لها اللحن
والأداء. وراحت تشارك أخاها فريداً الغناء منذ العام 1930 فلمع اسمها واتسعت شهرتها
حتى احتلت مكانها بين عمالقة الغناء العربي، وترافق نجاحها مع تواتر المآسي التي ألمت
بها حتى إنها حاولت الانتحار غير مرة.
وكان لشهرة أسرتها من آل الأطرش ومكانتها
في السياسة والزعامة الشعبية أثر كبير في مجرى حياتها. وقد حاول أخوها فؤاد أن يبعدها
عن الوسط الفني حرصاً على سمعتها وسمعة أسرتها. ومع أنها أخفت اسمها الحقيقي وانتسبت
إلى آل «كوسة» فقد كشف سرها، وشاءت الظروف أن يتزوجها ابن عمها الأمير حسن الأطرش عام
1933 وأن يعود بها إلى مدينة السويداء في جبل العرب لتقيم هناك، ولكن هذا الزواج لم
يدم سوى أربعة أعوام رزقت في أثنائها بابنتها الوحيدة «كاميلية» وعادت في عام 1937
إلى بيت والدتها في القاهرة، وتزوجت بعد ذلك ثلاث مرات أخفقت فيها جميعها.
وكانت أسمهان تطمح إلى الحرية والانطلاق
في عالم الفن، وتميل إلى حياة البذخ، وكانت لها علاقات حميمة ببعض الأوساط السياسية
والقصر الملكي في مصر، وقد أشيع عنها أنها تورطت في قضايا سياسية في مصر وفلسطين وسورية،
وكان موتها مأساوياً إذ غرقت في ترعة من ترع النيل في حادث سيارة غامض.
لم يتجاوز عمر أسمهان الفني، بعد أن تبوأت
مكانتها، سبع سنوات، إلا أنها أحدثت عاصفة مدوية في الغناء العربي، ونافست مطربات عصرها،
وعلى رأسهن أم كلثوم. وقد تميزت أسمهان بدقة التعبير وجودة الأداء، ويوصف صوتها بالحنان
والدفء وفيه نبرة خاصة وأنوثة واضحة، ومداه في طبقات الصوت ديوانان [ر.الموسيقى] وأكثر،
وهو من طبقة نصف الصادح وقد يجتازها إلى الأعلى. ففي أغنية «ياطيور» دليل واضح على
جمال صوتها وإبداعها في الغناء وقدرتها على التعبير في طبقات صوتية عليا من دون نبرات
صراخ، ويعد هذا اللحن تطويراً للموسيقى والغناء العربيين وهو من ألحان القصبجي. وفي
أغنية «ليالي الأنس» تنتقل أسمهان من انفعال إلى آخر انتقالاً سريعاً يماشي المعنى
واللحن. وفي أغنية «ياحبيبي تعال الحقني» تغني أربعة مقاطع لحنية متكررة في عبارات
لفظية مختلفة وتعبر عن إحساسات مختلفة في كل مرة تتفق والمعنى المقصود، وهي في أنشودتها
الدينية «عليك صلاة الله وسلامه» تضفي بصوتها مسحة خشوع وتصوف على كلمات الأغنية.
أما أغنيتها «أيها النائم» التي لحنها رياض
السنباطي فتبرز إحساساتها الصادقة ومشاعرها الحية، وقد غنت أسمهان لكبار الموسيقيين
العرب الذين عاصروها. واضطلعت بالتمثيل السينمائي مع الغناء في فيلمين سينمائيين هما
«انتصار الشباب» مع أخيها فريد الأطرش الذي وضع ألحان أغانيها فيه، و«غرام وانتقام»
بالاشتراك مع يوسف وهبي. كذلك غنت أسمهان بعض أغاني فيلم «يوم سعيد» بصوتها، وهو من
تمثيل محمد عبد الوهاب وتلحينه، من دون أن تظهر في ذلك الفيلم.
ومن أشهر أغاني أسمهان في حياتها القصيرة
هذه: «ليت للبراق عيناً» (1938) و«اسقنيها بأبي أنت وأمي» (1940)، و«ياطيور»
(1940)، و«إيمتى حتعرف» (1944)، وهي كلها من ألحان القصبجي، وأغنية «أيها النائم» ونشيد
الأسرة العلوية من فيلم«غرام وانتقام» (1944)، وأغنية «الدنيا في إيدي» وكلها من ألحان
رياض السنباطي، ومن أغانيها الأخرى «ياحبيبي تعال الحقني» و«دخلت مرة ف جنينة» وهما
من ألحان مدحت عاصم، و«محلاها عيشة الفلاح»، وأوبريت «مجنون ليلى» من فيلم«يوم سعيد»
(1939) من ألحان محمد عبد الوهاب.
أما الأغاني التي لحنها لها فريد الأطرش
فهي «نويت أداري آلامي» (1937)، و«عليك صلاة الله وسلامه»، و«رجعت لك ياحبيبي»
(1941)، وأوبريت «انتصار الشباب» (1941)، و«ليالي الأنس في فيينة»، و«أنا أهوى».
Commenti
Posta un commento