حقيقة علاقة أسمهان بالاستخبارات الأجنبية ودورها في تحرير سورية ولبنان


يرى المحامي ماجد الأطرش محقق الوثائق التاريخية عن شخصية أسمهان بأن ما تردد منذ أكثر من ستين عاماً عن كون أسمهان كانت تعمل بالجاسوسية وأنها كانت ضحية لها حيث قتلتها الاستخبارات البريطانية، أمر عار عن الصحة، ويقول: «لقربنا منها فنحن أكثر الناس معرفة بها وقد مكثت سنوات طويلة أبحث عن هذه التهمة وعن صحتها ولم أجد دليلاً يثبت ما قيل عنها بل ان النفي هو الأقرب للحقيقة، وقد تقصيت تفاصيل الحقائق عنها وجمعتها من المصادر الموثقة ممن عاشوا حولها في الجبل ومن وزارات الخارجية في بريطانيا ومصر وفرنسا وكلفني هذا الجهد الكثير من المال والوقت وكل ذلك رغبة مني في الوصول لحقيقة مقتلها وعن دورها السياسي والتاريخي عندما كانت سورية ولبنان ومصر تنوء تحت رحى الحرب العالمية الثانية وتعاني من الضغط العسكري لقوات المحور الألماني وقوات الحلفاء المتحاربة، وثبت لي بالحجة الدامغة الدور الخطير الذي قامت به أسمهان. والحقيقة أنه بناء على اجتماع قيادة الحلفاء بمقر السفارة البريطانية في القاهرة في مطلع آذار عام 1941م ضم الجنرال ديغول رئيس حكومة فرنسا الحرة ونائبه الجنرال كاترو والجنرال كلايتون قائد قوات الحلفاء والجنرال سبيرس قائد جيوش المشرق وسفير بريطانيا في القاهرة السير مايلز لمبسون، وبناء على شهرة أسمهان الكبيرة ولكونها أميرة وذات نفوذ في جبل الدروز وعلى قبائل البدو في منطقة جنوب سورية فقد قرروا تكليف آمال الأطرش وهذا أسمها الحقيقي لتكون مبعوثة سياسية لإقناع الدروز وأمراء وشيوخ العشائر البدوية في جبل الدروز والجولان بالوقوف على الحياد عندما تدق طبول الحرب والمعركة بين جيوش الحلفاء التي كانت تستعد للزحف من شرق الأردن وفلسطين على سورية ولبنان للقضاء على قوات فيشي بقيادة الماريشال بيتان الموالية للألمان والتي كانت تعسكر في هذين البلدين وإلا ستكون قوات التحالف مضطرة لتدمير الجبل وسفك دماء السوريين هناك الذين كانوا يناصرون ويهللون لانتصارات الجيش الألماني النازي في أوروبا والصحراء الليبية.
حضرت أسمهان الاجتماع وتفاوضت معهم ولدي محاضر من الجلسات التي تمت معها وللأحاديث التي دارت بينهم وهي لم تقبل بهذه المهمة إلا بعد أن حصلت على تعهد مكتوب من قبل قيادة الحلفاء بإعلان استقلال سورية ولبنان فور دخول قواتها إلى هذين البلدين وتحقيق النصر على قوات حكومة فيشي.
الواقع قبلت أسمهان بالمهمة وتوجهت للجبل برا وقامت بإقناع الجميع بالوقوف حيادا ودارت أمور كثيرة في الجبل ومنه أنهم استطاعوا جمع ما يزيد عن 100 ألف مقاتل لمواجهة الحلفاء من الجبل ومن حلفائهم من البدو، لكن أسمهان أقنعتهم بضرورة الوقوف بالحياد لأن هذا سيكون في صالح الجميع وقد نجحت أسمهان في أداء الدور المطلوب منها وكان خطيراً جداً فوقف الدروز والبدو بالحياد عند بدء الحرب التي دارت رحاها بين القوى المتصارعة، وانتصر الحلفاء بفضل النجاح الذي حققته أسمهان ودخل الجنرال ديغول قائد فرنسا الحرة إلى دمشق، وألقى خطبة أعلن فيها استقلال سورية ولبنان وإنهاء عهد الانتداب عنهما كما زار الجبل في السويداء.
الخلاصة أن هذا هو تحديداً ما قامت به أسمهان في بلدها وبطلب من الحلفاء وكان فيه خير لبلدها وليس مضرة له وهي لم تكن لعبة مخابرات بريطانية ألمانية كما كتبت وروجت عنها الصحف المصرية حينها ولم تكن هذه الجهات وراء مقتلها، أسمهان لم تقتلها المخابرات البريطانية ولدينا الأدلة المقرونة بالحقائق والمستمسكات ولدينا الاطلاع على دوافع تلك الجريمة الشنعاء ونعرف من وراءها. كما أن مقتل أسمهان لا علاقة له بحياة أم كلثوم الفنية أو الإنسانية ولكن الهدف من إشاعة هذه العلاقة أو هذا الربط هو النيل من كرامة أسمهان وهي في رمسها العميق وللاعتداء على حرمتها وللذم والتشهير بها.



Commenti